السبت، 12 مايو 2012

من المسئول ؟ " قصة قصيرة "


 *فغر الجميع فاه لحظة غروب الشمس فهو الغروب الأسرع منذ بدء الخليقة ومازاد الطين بلة هو لون الأفق الذي تحول فجأة لون الدم ! وكأن أوزوريس يقتل من جديد ويمزق جسدة لتختلط قطرات دمة المتناثرة بالأفق فتحولة إلي اللون القاتم ذو الرائحة الدموية .
بدا الجميع منشغلا بما حدث وأغلق كل ذي حان حانه وأسرع إلي بيته ليطمئن علي أهله وليري ما حدث علي التلفاز الوطني فشيء كهذا لايخفي علي أحد ولايمكن أن تتجاهله وسائل الإعلام الرسمية الوطنية الصداقة وفوجيء الجميع بكم هائل من الأغاني الوطنية في كل محطات التلفاز الرسمية والخاصة ! حتي محطات الراديو وخاب ظن الجميع ان يعرف الحقيقة في ذلك اليوم .
مرت ساعات الليل الأولي بطيئة كالدهر وكانت ليلة مقمرة فاختلط نور القمر بدماء الأفق وأضفي مزيدا من الخوف والقلق في نفوس الجميع فالأمر جدي خطر ويجب أن يعرف الناس ماقد حدث فهذه هي طبيعة البلاد الديمقراطية وانتظر الجميع الغد علي أحر من الجمر ليعرفوا ما حدث من خلال الصحف القومية فإن تجاهل التلفاز فلاتتجاهل الصحيفة الوطنية الأولي في البلاد وانتشرت الخرافات والخزعبلات وظن الجميع أن نهاية العالم قد قربت فأخذ يبتهل ويزيد من صلاته ويدعوا الله أن يغفر له ما قدم من آثام وتمني البعض لو أنه أطال لحيتة أو إنها تطول في ثانية واحدة ! وبعد أن تثاقلت الليلة علي الجميع وتأجلت ليالي العرس في هذه الليلة المشئومة وأغلقت المقاهي وذهب الجميع في ثبات عميق وقلوبهم تنتظر الصباح حتي تطمئن .
صاحت العتاريق * في موعدها المعتاد معلنه بقدوم الصباح لكن شيء من الخوف والريبة ظل في الجو فمازال الليل يكسو الوجود ولم يظهر منه ولو النذر اليسير ! وللمرة الثانية في أقل من يوم كامل يفغر الجميع فاه ولكن هذه المرة بعدم شروق الشمس ومازال التلفاز يضخ الأغاني الوطنية علي شاشتة التي اخفت التوقيت عن عمد ! لكن الشمس لم تكن لتظهر في صباح ملبد بالغيوم ولكن ماحدث شيء غريب فلم تكن هناك سحابة واحدة وانقشعت غيوم الدم من الأفق واختفي القمر ولم تظهر الشمس ! حتي أن الضوء المصاحب للنهار لم يظهر بعد وظلت العتاريق ترفع صوتها فهي بحاجة إلي الطعام ولكن المفاجأة جعلت الجميع يظن أن الوقت لم يمر بعد وظن آخرون أن الليل قد أصبح سرمدا وتثاقلت الساعات بل الدقائق وحتي الثواني كانت تمر كالدهر تمر كل ثانية وكأنها العام هدأ صوت العتاريق وظل الوجود علي ماهو عليه من إبهام ولم يرفع أذان ولم يدق جرس وظل الأمر يتكرردون أن يدرك أحد كم من الوقت مر في هذه الظلمة الحالكة حتي العتاريق هدأ صوتها بعدما لم تجد ماتأكله طوال هذه المدة .
في الوقت المعتاد للإستيقاظ بدا صوت العتاريق شاحبا وبدأ معها أولي ملامح سطوع النهار وها هو أول شعاع مهتز يظهر للشمس بعد طول غياب لا يعرف أحد عنه أي شيء وتطايرت الأنباء في الصحف لتروي أبشع جريمة حدثت في تاريخ البشرية منذ مقتل هابيل فلقد ساد الظلام علي العالم طيلة الأسبوع المنصرم وعرف الجميع ما حدث كما جاء في الصحيفة القومية في البلاد تحت أكبر عنوان ينشر بالجريدة منذ إفتتاحها بالبنط العريض باللون الأحمر القايم " من المسئول ؟ " وجاءت التفاصيل كالآتي : " قبل أكثر من إسبوعين أصيب بن أحد المسئولين بوعكة صحية احتار الأطباء في تشخيص حالته حيث هي الأولي من نوعها التي تحدث في البلاد لأبناء المسئولين وتم تشخيص المرض منذ الأسبوع وجن جنون السيد المسئول حينما علم أن ابنه أصابته " ضربة شمس ! " وأمر فورا بإعدام الشمس ! لكن أحد المقربين له قال له : " لايمكنك أن تعدم الشمس فقد تتسبب في إقامة حرب ضروس من أجل الحصول علي منابع الطاقة ولدينا من المشاكل الآن ما يكفينا ولسنا بحاجة إلي مشكلة جديدة " فسألة بكل لهفة وجنون : " ما العمل ؟ " فأجابة بكل اتزان وثبات : " قليل من الجروح الطفيفة تجعلها تفكر كل يوم قبل أن تمس المسئوليين وذويهم " .  أعجبت المسئول الفكرة وأمر بصرف إيراد منبع طاقة لمدة شهر كامل مكافئة له علي خوفة علي مصلحة البلاد ! ورفع سماعه هاتفة ليخبر قائد الحرس بالأمر وما يجب عليه فعله فأجابة بالسمع والطاعة وأخبر جنودة وجمع قناصته ببنادقهم المعروفة ورفع الجميع أسنة مدافعهم واستعدوا في انتظار صدور الأمر بالتأديب لهذه المتعجرفة . بعدما علم الأطباء الحالة الصحية لابن المسئول أمروا بالتحفظ عليه في غرفة العناية المركزة وأن يظل تحت جهاز التنفس الإصطناعي ! والتي لم يكن لهذه الإحتياطات أي شيء من أساسيات الطب لكن أراد الأطباء أن يفعلوا ذلك حينما علموا ماهال والده عندما سمع الخبر وعندما علم المسئول أن ابنه تحت جهاز التنفس الإصطناعي واطمئن عليه أمر قائد الحرس ببدء الهجوم الذي أعطي بدورة إشارة البدء لجندوة الذين انهالوا علي الغزالة بوابل من الطلقات النارية المختلفة والتي راوغتهم بمنتهي الرشاقة والخفة إلا أن أحد القناصة الذي عرف بمهارته الفائقة في فقء العيون وإصابات القلب المباشرة جن جنونة عندما رأي ذالك المشهد وجميع أصحابة عاجزون عن إصابتها إصابة حقيقة ! فجن جنونة وصوب بندقيته ذات الماسورة السوداء الطويلة والعدسة المكبرة وبكل دقة أصاب الغزالة في كبدها الأيمن ! وهو ماجعل الأفق يتحول إلي لون الدم وبخة قائدة في أول الأمر وأمر بتحويلة إلي محاكمة عسكرية لمخالفة الأوامر وعندما علمت إحدي الدول الكبير بإصابة بن المسئول أمروا بتجهيز طائة طبية مجهزة بأعلي مستوي في العلم بأن تحط رحالها في مطار البلاد الدولي وتحضر بن المسئول ليتم علاجة علي نفقتها الخاصة مطافأة للمسئول الذي اتاح لها الفرصة أن يغزو بلد مجاورة به بعدما غابت الشمس بسبب إصاتبها ! جن جنون الأطباء إثر خروج المريض دون علمهم وثاروا كالبحر وهاجوا وماجوا لكنهم هدأو وزالت ملامح الإستغراب عن وجوههو وأصبحوا كالأطفال في برائتهم عندما علموا المسئول الحقيقي الذي كانوا يعالجون ابنه ! وتم صرف مكافئة للقناص الذي أصاب الشمس وتم تعيينه مساعد لقائد الحرس مكافئة له وتم إخفاء اسم المسئول عن وسائل الإعلام .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*العتاريق : الديوك

هناك تعليق واحد: