الخميس، 13 أكتوبر 2011

المنقذ ( 2 ) " قصة قصيرة "






وكان الشيخ منصور معجبا به لذكائه وفطنته وسرعه بديهته



*إعتقد أهل القرية بأن هذا الطفل به مسحة من جن فهو لم يكن ليكمل ساعاته الأولي حتي فقدت القرية أشجع رجالها وفقد هو شخصيا والداه وأصبح يتيما وهو في المهد لم يكمل في الدنيا دقائق معدودة فقرروا أن يتركوه وحيدا مع معاناته دون مواساه أو شفقة من أحد ليلاقي مصيرة كما لاقاه والداه ، ولكن إرادة الله فوق إراده البشر فقد كانت أم سعيد مريضة ولم تسمع بما دار في القرية ومع هذا الطفل إلا في صبيحة ولادته فقررت أن تربيه ومازال ثديها به من لبن سعيد الذي مات قبل أن يحبوا قبل ماحدث بإسبوع لسوء الرعاية الصحية فقررت أن ترعي الغلام ؛ ولم تكن تمضي الأيام والسنون حتي ذهب خالد للكتاب وكان الشيخ منصور معجبا به لذكائه وفطنته وسرعه بديهته وهو لم يتخطي الرابعة بعد فكان له في قلبه منزلة خاصة وكان الأطفال لا يلعبون معه لأن أهلهم أمروهم بذلك وإذا علموا أن اولادهم لعبوا معه كانوا يعنفون أطفالهم ويعاقبونهم أشد العقاب ومع مرور الوقت استسلم الأطفال لرغبه أهلهم وابتعدوا عن الغلام تماما دون أن يعروفوا لماذا ولا يعرف هو ؟ ولم يكن يلعب معه سوي فاطمة بنت الحج جابر و علي بن الحج عبد الصمد وكان جابر في العشرة من عمره وفاطمة في التاسعة ولم يرتاحا لحال القرية الذي تغير الكثير فبعد أن كان علي يصلي العشاء في المسجد الكبير في القرية ويذهبا إلي بيت الحج جابر ليتسامروا ويحكون النوادر والأعاجيب وكانت الجلسة أشبة بالصالون الثقافي للقرية حيث يجتمع نفر ليس بالقليل أمام دوار الحج جابر وكانت فاطمة تشاركهم هذه المجالس ولكن الحال أصبح غير الحال فلم يذكر علي آخر مره ذهب فيها مع جده لصلاة العشاء فلم تعد هناك صلاتي عشاء وفجر من الأساس فمل أبواب القرية تغلق قبل غروب الشمس ولا تفتح إلا عند شروقها ولا يدري الأطفال لماذا ؟ ولماذا كل هذا الحذر من خالد ؟ ولا ما الذي يدور في القرية ليلا ولا يرد عليهما أحد عندما يسألن عن تلك الأصوات التي تحدث في الليل ! وكان عتمان يرسل رجاله بعد الغروب فمن وجد خارج داره يقتل في الحال دون اي مناقشة وكان الناس مستكينين قانعين بما يحدث حولهم دون أن يحاولوا تغييره ولم يجرؤ أحد علي التفكير في التغيير وإسترداد كرامة القرية وزادت الفرقة بين أهليها ونشب خلاف بين الحج جابر والحج عبد الصمد وكانا كبار أكبر عائلتين في البلد ولا يدري أحد من أبناء القرية كيف نشأ الخلاف ولا ما الذي حدث بينهما إلا أنهم وجدوا أن كل منهما لا يصافح الآخر ولا يرمي عليه السلام ولا يستطيع أحد أن يتدخل في كلتا العائلتين وطال الخلاف بينها سنوات عده دون أن جدي ودون الإلتفات إلي صالح القرية ومات عتمان بسبب أزمة قلبة حادة وبخل إبنه مظهر أن يأتي بطبيب المركز كي يعالجة وتركة ليلقي حتفة ، وهكذا انتهت حياة عتمان بعد أن أهمله ولده الوحيد لأنه طمع في حكم الهجانة وكان مظهر أشد صرامة من والده وقام بنزول القرية مرات ومرات في الظهيرة والتي لم يفعلها والده قط وقام بقتل كثير من أبناء القرية حتي لا يظنوا به الضعف ولا يفكر أحد علي مهاحمتة أو قطع ما يأخذونة من القرية ولكن اعداد القتلي التي كانت تزداد يوما بعد يوما زادت الحقد والتزمر من أهل القرية علي هذا الفتي الأهوج وهجامته  ولم يكن يكمل مظهر عامه الثاني إلا أن خالد أكمل عقدة الثاني وكان محب للقراءة والإطلاع وشجعته أم سعيد كثيرا وأمدته بكل صنوف المعرفة فقد كان خالد يملك مكتبة والده الشيخ سلام وكانت هي تملك أيضا مكتبه خلفها لها أبو سعيد الشيخ عوض فلقد حصل علي العالمية وبدأ يدرس في الأزهر وكانت مكتبته عامره بكل صنوف الكتب وأشكالها وكان في إجازة طارئة بسبب مرض زوجته في الليلة المشئومة وخرج مع من خروجوا مع الشيخ سلام ولم يعد ولعل هذا سبب آخر لكي تعطف أم سعيد علي خالد ، أخذ خالد ينهل في المكتبتين في آن واحد ولم يكد يكمل عقده الثاني إلا وهو مكمل سلسلة غزوات الرسول – صلي الله عليه وسلم – والصحابة –رضوان الله عليهم – وكيف وصل الإسلام من أقصي الأرض إلي أقصاه والشجاعة التي تجلت خلال المعارك فالتهب حماسه وفكر مليا في حال القرية وكيف أن القرية منهومة من هؤلاء الهاجمة ولكنه مازال منبوذ من كثيرين إلا أن الشباب لم يعودوا معه مثل الماضي بل أصبحوا يتحدثون معه ويتبادلون أطراف الحديث ضاربين بكل ما قاله البيت عرض الحائط  فقرر أن يبدأ من هؤلاء الرفاق –وكانوا قليلن – وأخبر أم سعيد بما أن ينوي أن يفعله وشجعته علي ذلك ولكنها حذرته من فرقة القرية وقصت له قصة والده الشيخ سلام - رحمه الله – فزاد حماس الشاب وبدأ ينسج خيوط لعبته الخطيرة ليتخلص من الهجامة .

ليست هناك تعليقات: