الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

أفيقوا ... يرحمكم الله


كان أول ما طالعنا به مدرس الدراسات الإجتماعية حول مصر – إن لم تخني الذاكرة – أن مصر تقع شمال شرق قارة أفريقيا يحيطها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ويفصلها عن قارة اوروبا و من الشرق البحر الأحمر ويفصلها عن قارة أسيا ومن الجنوب صحراء وتفصلها عن السودان وكذلك الغرب وتفصلها عن ليبيا وكان أهم ما يمير مصر عن دول كثيرة أنها تطل علي البحرين وزاد من أهميتها قناة السويس .
علي مدار التاريخ كانت مصر محط أنظار الغزاه وتوالي عليها المستعمرون ، ولم ينته الإستعمار عند خروج الإنجليز بعد ثورة يوليو أو حرب أكتوبر المجيدة وعودة سيناء بعد طرد العدو الصهيوني بل اتخذ محملا آخر في غاية الخطورة والأهمية .
ظلت مصر علي مدار تاريخها الإسلامي تمثل الوسطية وكان الأزهر الشريف نبراسا يضيء العالم أجمع بتعاليم الإسلام الوسطية السمحة وحتي الآن يردد كثير من المصريين كلمة " يا خراشي " عندما يفزعون من شيء أو يشعرون بالإنبهار من شيء ما دون ان يعرف الجميع أن أصل الكلمة يعود إلي الإمام الخراشي شيخ الأزهر الذي كان ينصر الضعيف والمظلوم ويقول الحق في وجه سلطان جائر .
تغيرت العديد من العادات والتقاليد المصرية علي مدار العقود الأخيرة فمصر أصبحت مستهدفه بالفكر الوهابي المتطرف شرقا والذي لا يفصلها عنه سوي البحر الأحمر و الفكر الأوروبي المنحل والذي لا يفصلها عنه سوي البحر المتوسط وبين هذا وذاك يقع المصريين في حيرة من أمرهم وخصوصا بعدما انطفأت شعله اللأزهر الشريف والذي مارس دورة علي مدار عقود من الزمن وهي انطفاءة لن تلبث طويلا وسيعود الأزهر كما كان كذلك المصريين لأن الإنحلال الأوروبي لا يناسبهم ولا التطرف الوهابي سيطغي مع طبيعتهم السمحة .
علي مدار التاريخ كان الشعب المصري صمام الأمام الأول والحصن المنيع لأرضها ضد كل الطغيان والطغاه وسيذكر التاريخ أن اول ثورة علي أرضها الطاهرة كانت بفتوي من الإمام الشافعي – رحمه الله – والذي استدان لينفق علي تلك الثورة ، فالشعب المصري بطبعه لا يقبل الديكتاتورية ولكنه يتسم بالصبر الذي جعله يرضي بحكم عسكري طيلة ستين عاما ، لكن جيل الفيس بوك وتويتر لا يرضون بأنصاف الحلول وكذلك التباطؤ في اتخاذ القرارات المصيرية ، جيل لا يهاب الموت استقبل الدبابة بالوردة والمدفع بالإبتسامة والجدي بذراعين مفتوحتين ليحتضنه ، جيل يرفض السكوت وكذلك أن يتحكم أحد بمصيره ولذلك لجأوا إلي الميادين يصرخون بأعلي أصواتهم " الشعب يريد ... " تلك الصرخات المدوية التي ألهب المنطقة العربية جميعا بعد ثورة الشعب التونسي العظيم ، وبدأت مصر مرحلة جديدة .
شرعية الصندوق التي تمثل ( 51.7 ) لا تعطي الرئيس الحق التحكم في مقدرات الشعب المصري فكثيرون لم ينتخبوه لأنه مرشحهم المفضل بل حتي لا يتكلم العالم أن الشعب المصري قام بثورة ليسقط نظام مبارك ويأتي من بعده بشفيق ، الشرعية تأتي من الإستماع إلي الطرف الآخر والنزول علي رغباته وليس إرغامه علي ماتريد السلطة ، الشرعية تأتي من خلال برنامج واضح المعالم وخطة واضحة وليس برنامجا فكريا او برنامجا ليس له أي أساس علي أرض الواقع ، الشرعية تأتي من إحترام القانون وليس بتهميشة وتهميش قرارات القضاء ، الشرعية تأتي بتوحيد الصفوق وليس السعي لتفريقها ، الشرعية سيادة الرئيس المنتخب تأتي حينما تحول هتافك " إيد واحدة " إلي أرض الواقع لا أن تخرج أمام المؤيدين وتخبرهم بالـ 56734  وتهرب من الباب الخلفي حينما يتظاهر المعارضون السلمييون .
ياريس فين دموعك في الجامع الأزهر لما الخطيب ذكر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – اللي كان خايق بغله تتعثر في العراق وإنت شايف اللي بيحصل قدام قصر الإتحاديه من سفك دماء للمصريين وكله باسم الشريعه اللي هي براء مما يفعله مؤيدوك لأننا في الأشهر الحرم والثورا لم يعتدوا حتي تعتدوا عليهم بالضرب وتمزيق الخيام وأذكرك بأنك محاسب عن كل مصري امام الله .
إن ما يشهده الشارع المصري الآن نابع من قرارك أو قرار مرشدك بتنصيب نفسك إله نافذ القرار فرعونا محصنا فوق القانون ، القانون الذي طالما أشد برجاله من القضاه لكني أذكرك لأن الذكر تنفع فقط المؤمنين أن فرعونا لم يفق إلا عندما أدركة الغرق ، فهل تدراك وجماعتك خطورة الموقف أم ستبقي كالمخلوع في عزلة عن الشعب المصري وتأتي خطاباتك بعد أن يعلوا سقف المطالب ؟

ليست هناك تعليقات: