الأحد، 15 يوليو 2012

مجرد فكرة

وتدور الدنيا بينا
وإحنا مش عارفين
إننا جوا المدينة
من نفسنا ضايعين
بندور علي بر الأمان
وكلنا فيها مساكين
ماشيين في سكة سفر
والسكة لسه طويلة
ساعات بتبقي مضلمة
وساعات بتبقي جميلة
وزي ما بنشوفها بعنينا
بنعيش فيها
ساعات ندور حواليها
وساعات نبحر فيها
من غير قلوع ولا زاد
بنحاول نضحك عليها
تضحك في وشنا كتير
وكتير بتبكي عنينا
نمسح دموعنا ونقف
نتعلم م اللي فات
وناخد نفس عميق
ونطلعه في البراح
ماهو صدق اللي قال :
" اللي راح راح "
وابدأ من  النهاردة
وحط في بالك فكرة
إنك بالجد والتعب
هاتوصل أكيد بكرة
مش شرط لكل اللي عاوزه
بس حافظ علي الفكرة
وخلي معاها مبدأك
زي مصر الأصيلة
مهما حصل فيها
لسه برضوا جميلة
دي طيبة شعبها
تصيب العالم بحيرة
إزاي بعد اليأس
بيولدوا الأمل
وفي عز المحنة
تلقي الضحكة مجلجة
وفي كل حتة في العلم
تلاقيلهم بصمة
بس ناقصهم حاجة واحده
يتجمعوا حول فكرة

السبت، 14 يوليو 2012

حزر فزر

فزورة شقية صغيورى
والحل بتاعها خطير
ركز معايا علي شان
الموضوع بجد خطير
أصل أنا كنت إمبارح
في ميدان التحرير
وافتكرت شباب كان هناك
واقف بيقول تغيير
اتجمعوا من غير ميعاد
وهتافهم كان تغيير
من هنا كانت البداية
من ميدان اتلحرير
--
بالليل جت الأوامر
لازم تخلوا الميدان
غروقهم بالميا
اضربوهم بالعصيان
عرفوهم إن احنا
في إيدينا الأمن والأمان
والبلد مش بلدهم
فاكروهم بأيام زمان
فقام وبكل عزمة
العسكري الغلبان
اللي فاكر إنه كده
بيحمي حمي الأوطان
وضرب الشباب العميل
واللي لبلده خان
ونزل يطلب بالتغيير
في سلمية ... فاتهان !
--
وقف الشباب صامد
شجاع وماخفش
ضربوه بالرصاص الحي
وقبله كان خرطوش
ولما غلب حمارهم هربوا
ونزلولهم الجيش
استقبلهم بالورود
وقسموا معاهم العيش
ونزل المشير يتمخطر
مبسوط علي الكورنيش
وفضل الشعب في ميدانة
معتصم ما بيمشيش
دخلوا عليهم بحصنة وجمال
أمال كان فين الجيش ؟
والدم بقي علو جبال
والخوف خلاص مافيش
ما كفاية ذل وإهانة
في طوابير العيش
وبعد طول انتظار دخل الجيش
في النص وفض الإشتباك
بعد يوم عصيب
وحالة ارتباك
بسبب الحيوانات
اللي ودوها هناك
علي شان يمشوا الشباب
فكانت ليهم هلاك
واتجمع ناس كتير
وقالوا : يرحل مبارك
وكان صوتهم زئير
في الميدان هناك
" ارحل يعني إمشي
ياللي مابتفهمشي "
وأخيرا رحل وغار
بس يابلنا المشير
وبكل صفو نيه
سلملة الشعب الأمير
وتحتفل بليلة النصر
وساب ميدان التحرير
واداله فرصة عمره
بس للأسف ... عسكر
يا ما سقونا الويل
والصبر عمال يتكرر
سنين طويلة صابرين
ومافيش وقت نتأخر
هتفوا بعلو صوتهم
يسقط يسقط حكم العسكر
يسقط كل خسيس وجبان
واللي بإيده باع أوطان
يسقط كل قليل الأصل
مسك الصورة وساب الأصل
يسقط كل غبي متآمر
وباحلمنا بقي بيتاخر
باعوا ثورتنا واشتروا فيها
وشهيدنا ... مالهوش قاتل !
عروا بناتنا وناس استغربت
وقالت : إيه وداهم هناك ؟
حرقوا خيامنا واجرءوا
حاكمونا محاكم هلاك
والسجن بقي للثوار
والبيادة ليها السيادة
وعجلة الإنتاج نفخوها
وبدقونهم دوروها
خونوا كل الشباب
لأ بصراحة بعضهم
وقسموهم علي مزاجهم
وسفهوا رأيهم
ودلوقتي دايرين في متاهه
ومافيش حد جنبهم
علي شان باعوا الناس زمان
فمحدش تاني هيآمنلهم
--
لو عرفت إيه الإجابة
أنا في زنزانة عسكرية
دا لو كنت عايش
وخليك ديما فاكرها
إن الثورة شعارها
عيش
حرية
عدالة إجتماعية
8/4/2012

الخميس، 12 يوليو 2012

الحبيب الأولي " قصة قصيرة "








وكنت أسير على غير هدى لا أعرف أين أتجه ولا أتذكر من أين خرجت ؟! وتتلاطم الأفكار في ذهني كتلاطم الموج في أعتى نوة شتوية ولا أدري كم من الوقت ظللت على هذه الحالة ! ولكن استقر بي المقام على إحدى ضفتي النيل ووجدت القمر يداعب سطح الماء ويظهر حسنه ودلاله ورفعت نظري إلى السماء فوجدت القمر وحوله كوكبة من النجوم على مد البصر وكانت إحدى الليالي الصيفية في ليل القاهرة الساحر وأخذتني الدهشة ! فأي قمر أرى ! والليلة ليست قمرية بل الليلة لا يفترض أن يكون لها أي وجه من أوجه القمر وهالني الأمر فرفعت بصري ثانية إلى السماء فوجدت القمر , أخرجت الهاتف الجوال لأتفقد التقويم فإذا بي محقا ! فمن أين يشرق هذا القمر ؟ ولماذا هو بهذا الكم من البهاء والصفاء الذي لم أعهده من قبل ؟ فقررت أن أرفع بصري الثالثة وأدقق النظر في القمر وكوكبة النجوم حوله وفعلت وقد رأيت منظرا لن أنساه طيلة عمري , فرأيت أن النجوم تراصت حول القمر لترسم له قلبا والقمر في منتصفه تماما , شرقت وغربت وأدبرت وأقدمت ومن كل الإتجاهات أرى نفس المنظر فقلت في نفسي "إنما تلك الصورة الجميلة إلا أضغاث أحلام" وقررت أن أسأل أول من يمر بجانبي ونظرت حولي فلم أجد أي شئ وطال بي المقام ولم يظهر أحد فقلت في نفسي "هل أحلم ؟" وتدافعت أسئلة كثيرة في ذهني وأخرجني منها صوت يأتي من أسفل يقول : "مش عاوز تتمشى في النيل يا بيه" دققت النظر فإذا به رجل كهل وكان لي بمثابة طوق النجاة , لا أعرف حقيقة القمر كيف لا وهو الوحيد الذي رأيته بعد دقائق طويلة مرت كالدهر . نزلت له وتعرفنا والرجل اسمه "جابر" ويعلو وجهه ابتسامة المصري الجميلة ووجهه يبوح بالطيبة وكل الصفات التي تحب أن تراها قد تجمعت في هذا الرجل ولهجته القديمة وعندما ركبت معه كأن الزمن عاد للوراء , فكل شئ جميل بل رائع فسبحان المبدع فزاد بهاء القمر على صفحة النيل وكنت في عالم آخر ولم أسأل عم جابر في بداية الأمر عن شئ ولكني بعد قليل من الوقت لم أتبين مقداره وجدته يقول "الله يرحمك يا كريمة , كده بقالك عشر سنين بالتمام والكمال سيباني لوحدي" وإغرورقت عيناه بالدموع فهدأت من روعه وأخبرني بأن كريمة هي رفيقة دربه لآكثر من ربع قرن ولم يرزقهما الله بأولاد ولم يعترضا على حكمته فكان كل منهما للآخر بمثابة الزوج والطفل والصديق حتى توفاها الله , فقلت له "جميل جدا أن أجد أحدا مخلصا في حبه لهذه الدرجة ولماذا لم تتزوج بإمرأة ترعى شئونك " مسح عينيه من الدمع وقال في حدة "بقى انت عايزني اتجوز بعد كريمة دا أنا أموت قبل ما أفكر في كده , وبعدين ايه حكاية الإخلاص دي ما انت اللي جابك هنا الإخلاص" هالني ما قال وقلت له "ماذا تعرف عني لتقل ما قلته ؟ وعن أي إخلاص تتحدث ؟" صمت برهة و أردف قائلا "بص يا بني أنا شفت ناس واتعلمت ودورت ولفيت بعدد أيام عمرك , وواضح عليك كده انك بتحب واحدة وهي مش مدياك ريق حلو والدنيا ملطشة معاك اليومين دول على الآخر وانت محتار وتايه ومش عارف تعمل ايه ! صح يا بني ولا انا غلطان " نزل كلامه وتشخيصه لحالتي النفسي كالصاعقة فلم أرد لأحد أن يعرف ما مررت به من حب طرفي وكانت الظروف تدفعني بشدة الى المجهول بعد رفضها وإخفاقي لم أعرف ما يجب عليّ فعله الآن , ولكني قررت أن أسأله عن القمر والنجوم وأني لم أرى أحدا في الشارع فقال لي "لو بصيت كمان مرة هتلاقي النجوم عاملة قلب وصورتها ف النص" لم أتوان عن النظر الى السماء فكان كما قال وجدت صورتها في أبدع ما تكون فسبحان المبدع . وشعرت بخفقان سريع لقلبي وتداعت أمامي الصور والحوارات التي دارت بيننا وظللت أتذكر كلماتي وكلماتها وكيف أنها لم تسد الطريق أمامي ولم تفتحه أيضا بل وقفت على نقطة أقرب من النقطة السابقة التي كنت أقفها معها ولم يدر ذهني أي شئ بعدها وتلاشت جميع الأفكار تماما وأخذني صمت طويل واستلقيت على ظهري شاخصا بصري الى السماء أستمتع بصورتها , وأوقف عم جابر المركبة وكأنه يساعدني على التدبر في الأمر وماذا أفعل ولم يمض من الوقت الكثير ولم آخذ قراري بعد وداهمنا صوت المؤذن لصلاة الفجر "الله أكبر ... الله أكبر" وأدار عم جابر موتور المركبة وعدنا للشاطئ لنصلي الفجر , وآخر ما جاء في ذهني قول لأبي تمام :
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى         ما الحب الا للحبيب الأولي

الجمعة، 6 يوليو 2012

الشهيد الحي " قصة قصيرة "







 * لم أفزع هذه المرة حينما رأيت صورته بالصحيفة الرسمية للبلاد تحت العنوان الرئيسي الذي دائما مايكتب بالنبط العريض " بين الحياة والموت " فلقد رأيت صورته أكتر من مرة بل وقابلته شخصيا قبل تلك الأحداث التي اختلف الناس في تسميتها فالبعض يراها ثورة والبعض يراها إنقلابا علي نظام الحكم والبعض وقف من تلك الأحداث موقف الحياد ولكنت ظلت هناك فئة مثار جدل كبير حينما انحازت في باديء الأمر إلي اولئك الشباب ثم فجأة اتهموهم بالعماملة الوتخوين والتمويل الخارجي وزعزة نظام الحكم وتارة أخري يمدحونهم ويرفعونهم من أسفل سافلين إلي عنان السماء ! ويضيفون عليهم أبهي الأوصاف والمحاسن بأنهم شباب لديهم الحماسة لتطوير البلاد وهو وقود تلك الأحداث ومحركها ولكنهم سرعان ما ينقلبوا ثانيا وينصحون الشباب بالجلوس علي المقاهي حيث يتسع المجال لكبار السن وكل من ساهم في وصول الحال إلي ما آل عليه الآن فهم الأجدر بالعمل والبناء وتطوير ورفعة الأمة فكل شيخ من هؤلاء يستطيع دفع عجلة الإنتاج – وهي فارغة بالطبع – إلي الأمام ولا وجود لاولئك الشباب .
 رأيته علي شاطيء عروس البحر المتوسط معشوقتي " الأسكندرية " وكان ينظر إلي البحر وأمواجه الهادئة وهي تحنوا علي إحدي البواخر كحنو الأب علي ابنته فلذة كبده وكان ينظر إليها في إهتمام وترقب حتي ظننت أن بالباخرة شخص عليه قد غادر وتركة وحيدا ليعاني آلام الوحدة فوق آلم الحياة المعتادة ولكني تسألت إن كان بالفعل شخص عزيز عليه فلماذا لم يذهب ليودعه ووقف هنا بعيدا عنه ؟ هل يخشي لحظات الوداع ؟ هل هو من نصحة بالمغادرة ولكنه لم يستطع ان يخبره بأن يبق بعد أن أقنعه بالسفر ؟ أم هو الذي يريد السفر وينظر للباخرة لا من علي متنها ! ذهبت رأسي يمنه ويسرة  وتدافع سيل من الأفكار والأسئلة وكيف السبيل إلي رد تلك الأسئلة وصاحب الحال لم تتحرك له شفتة أو يغمض له جفن إلا بعد أن توارت الباخرة عن الأنظار واختفي صوتها ودخانها ودفعني الفضول وسألته – دون سابق معرفة – لماذا كل هذا التتبعلهذه الباخرة ؟ أعليها شخص عزيز عليك أقنعته بالسفر وندمت ؟ أم أنك متعلق بالباخرة نفسها ؟ نظر إلي وابتسم ابتسامته المعهودة تلك التي رأيتها في الصورة وكانت ابتسامة تنبع بالحب والود والصفاء والنقاء والطيبة و سلامة الفطرة التي لم يشوبها أي تعصب فكري كان أو ديني وكأنه لا يعيش في عالمنا المليء بالحقد والحسد والبغضاء والشحناء والتعصب حتي أن البعض حول كل شيء جميل في هذا العالم إلي شيء قبيح بشع ، عاد لينظر إلي البحر مرة أخري وكانت الأمواج خرجت عن هدوءها وبدأت تتلاطم بالصخور الموجودة أمام الشاطيء ولقربنا منه أصابنا بعض من رذاذه فهدءت النار التي في داخلي جراء ذلك التجاهل وعدت لأسألة مرة أخري فنظر إلي وابتسم نفس الإبتسامة وانتابتي حالة من القشعريرة والغيظ إزاء ذلك الهدوء المصحوب بالتجاهل ! وخجلت من نفسي لأنني سببت له تلك الضوضاء بسؤالي وإلحاحي في معرفة الجواب فصمت برهة من الزمن وقررت أن أغادر عنه وأتركه وبحره دون أن أصدر أي صوت أو حتي اعتذر فحتي الإعتذار سيخرجة من هدوءه الذي فيه وفي نفس اللحظة التي هممت بها بالرحيل وجدته يلتفت إلي كليا وقال لي : " هل ستذهب قبل أن تعرف إجابة سؤالك ؟ " أراك قد أحسست بالخجل والضيق لأنك اقتحمت خلوتي بالبحر وازعجتني بسؤالك ... لكني أؤكد لك أنني لم تحدث مضايقة أو شيء من هذه القبيل " . لم أستطع أن افتح فمي لاتكلم بكلمة واحدة وأكمل كلامه : " أشكرك علي مشاعرك النبيلة وسؤالك ولكن لا أحد علي متن هذه الباخرة أعرفة سوي حلم ! " قبل أن يعود إلي هدوئي اصابتي دهشة من كلامه ولكنه أردف قائلا : " لا تستغرب كثيرا فحلم كل شاب في بلادنا أن يركب مثل هذه الباخرة ليغادر أرض وطنه باحثا عن المال والجمال في بلاد الغرب علي الرغم من أن لدينا من المال ما يكفينا ويجعلنا دولة عظمي لكنه منهوب والجمال حولك في كل مكان وفي كل شيء اظر ها هي الأسكندرية التي ليس لها مثيل في بلاد العالم أجمع وكذلك في كل المحافظات ستجد الجمال التي يناسبها ويناسب أهلها لكنهم أغفلوا عنه ! وأهملنا كل مظاهر الجمال وأمعنا في إفساد كل شيء حولنا فكدسنا أكوام القمامة في كل مكان وانتشر الفساد في كل الهيئات والمؤسسات من أصغر عامل إلي المدير ، لا أحلم كمعظم الشباب أن أغادر هذه البلاد ولكني أحلم أن أغيرها " عاد إلي هدوئي ولم تتغير نظرة الدهشة والإعجاب من الكلام وزاد اندهاشي أكثر من الإصرار الذي كان يتحدث به وبريق عينيه عندما نطق حلمه في تغير البلد وتنظيفها من كل ألوان الفساد والظلم والإستبداد وسألته دون وعي : كيف ؟ فتبسم ابتسامته المعوده والتي شرفت علي أن اعتاد عليها وقال : " الحل في غاية البساطة وهو أن نواجه الفساد والظلم وأن نقول كلمة الحق في وجه السطان الجائر دون تحفظ أو محاباه أو خوف وقبل كل هذه علينا أن نتوحد وننبذ خلافاتنا السياسية والفكرية والدينية مؤقتا ولنجعل همنا الأول هو " مصر " وينكر كل منا ذاته ونطمس مصالحنا الشخصية في مصلحة الوطن هذا ببساطة سبيل التغير وهذا ما جعلني أتابع الباخرة بشدة – كما ظننت – ففي الحقيقة لم أكن أتابعها بل كنت أتابع البحر أنادية وأناجية واتحدث معهلكنك قطعت كلامنا فهاج وماج وتلاطمت اموجاه بصخور شاطئه حتي بلت ثيابك " فنظرت لثيابي فإذا هي مبللة بالفعل ولم يكن علها مجرد رذار كما توهمت وظننت نفسي في حلم فصفت نفسي لأفيق من الحلم لكني أفقت علي شدة الصفعة وألمها ورايته ينظر إلي بابتسامته التي قد تعودت عليها فأيقنت أنني لم أكن أحلم .
 نظرت إلي ساعتي فوجدت الوقت قد حان للمغادءة للعودة إلي القاهرة مرة أخري فاستأذنت منه علي مضض وأذن لي بإنصراف وفي ساعة عودتي للقاهرة كانت الجموع تتحرك في كل الميادين في البلد من الأسكندرية إلي أسوان وحصل ما تمناه صاحبي واندلعت شرارة الثورة في السويس وأصيب الكثير في أحداث الثورة وفزعت عندما رأيت صورته في مصابي الثورة وكانت حالته خطرة جدا استدعي والده أمهر أطباء القلب في العالم فأخبروه بأن ابنه لا يمكنه أن يستحمل الحياة وآلامها وأفراحها بذلك القلب المثقوب ويلزم نقل قلب أو زراعته كي ينجو من الموت وبالفعل جاوبهم والده لكل متطلباتهم وجيء بالمتبرع الذي وهب قلبه قبل وفاته وتم إعداد غرفة العمليات ودخل الفريق الطبي المكون من عشرة أطبار كبار في زراعة القلب في العالم لكنهم اكتشفوا أن المتبرع لديه مرض مزمن في القلب ولا يمكن أن يتم نقل القلب فلقد خدعهم أحد اقربائه وجاء لهم بفحوصات مزيفه لا تمت إلي المتبرع بصلهفماذا سيفعل الأطباء حيال المريض ؟ هل ينقلوان القلب بكل ما فيه من أمراض ليضاف للمريض أمراض جديدة ؟ هل يخبروا والده بالحقيقة ليقرر ماذا يفعل ؟ هل يوقفوا العملية من الأساس لأنه ليس لها أي جدوي ؟ فما القيمة من نزع قلب مثقوب بحب الوطن بقلب آخر انهكة حب الوطن ! كلا القلبين مريض بنفس الداء وهو الداء الذي لم يعرف الأطباء له علاجا حتي الآن .
 الوقت يمر والمريض في خطر والمتبرع مصاب بنفس إصابة المريض ولا يمكن الحصور علي متبرع آخر قبل يومين – علي الأقل – وقلب المرض لم يعد يسعفه إلي أن يقوم لعمله الطبيعي لمدة يوم واحد ! .
 كل هذه التفاصيل تم ذكرها في الصحيفة الرسمية للبلاد وظننت أنه قد مات ودفن قلبه ودفن معه حب الوطن الذي طالما عاش يحلم بتغيره وانقطعت أخباره عن الصحيفة وسارت الأحداث بسرعة رهيبة إلي أن عاد الناس إلي الميادين مرة أخري وعادت تنشر صور المصابين والقتلي في الصحيفة الرسمية ورأيت صورته للمرة الثانية بتفاصيل جديدة وأحداث جديدة ومع توالي الأحداث كانت صورته تتصدر الحصف الرسمية للبلاد والمعارضة لها ودار في ذهني أن أضع حدا لآلامه ومعاناته وآثرت أن أكتب نهايته بيدي لكني رأيت في موته نهاية دراماتيكية فآثرت أن أبقيه مع حلمه علي قيد الحياة فلا شيء يجعل الإنسان الصادق يتخلي عن حلمه سوي الموت ولأن حلمه فكرة انتشرت في طول البلاد وعرضها فهو لن يموت ... لن يموت ... لن يموت ... وهكذا اعتدت أن أري صورته إبان أي حدث يحدث في البلاد وما أكثرها .
23/3/2012